الشيك، المنشأ، الخصائص، والأنواع

الشيك، المنشأ، الخصائص، والأنواع

منشأ الشيك :

منذ أواخر القرن الثامن عشر، وحتى أواخر القرن التاسع عشر، جرى تطوير الأوراق التجارية، والوسائل التي كانت تستخدمها المصارف، بقصد تيسير التصرف في الأموال المودعة لديها. واستكمل الشيك عناصره، وبدأ يأخذ شكلاً قانونياً، في أواخر القرن التاسع عشر؛ فجاء تنظيمه، في فرنسا ، من خلال القانون، الصادر عام 1865، ليضع القواعد، التي تحكم التعامل به. 
وفي بداية ظهور الشيك، كان استخدامه قاصراً على التجار والموسرين. ولكن التطور الذي شهدته التعاملات، التجارية والمصرفية، في أواخر القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين، أدّى إلى انتشار استعمال الشيك بين مختلف طبقات المجتمع، خاصة في أوروبا وأمريكا. 
ونظراً إلى قلة القوانين، التي تعالج الشيك، يرجع الفقه والقضاء إلى الأحكام، التي استقر عليها العرف في هذا الخصوص، خاصة العرف الدولي، وفي مقدمته القانون الموحد، الموضوع في جنيف، عام 1931.

خصائص الشيك
الشيك هو صك مكتوب، وفقاً لشكل معين، يتضمن أمراً صادراً من الساحب (المحرر) إلى المسحوب عليه (المصرف)، بدفع مبلغ معين، لأمر شخص ثالث، يسمى المستفيد، أو لحامله، بمجرد الاطلاع . 

ويتسم الشيك بالعديد من الخصائص، فهو مستحق الدفع، لدى الاطلاع؛ ويمثل، في الأصل، وسيلة وفاء فحسب، ولا يمكن أن يتضمن تاريخًا محددًا للاستحقاق؛ ولذلك، فهو يستحق الدفع فور تقديمه إلى المصرف. 

ويستلزم وجود الشيك ثلاثة أطراف: الساحب، والمسحوب عليه، والمستفيد. إضافة إلى ذلك، فإن الشيك يتضمن أمراً بالدفع، من الساحب إلى المسحوب عليه، في مصلحة المستفيد. ولا بدّ أن يُسحب الشيك على مصرف؛ فلا يجوز سحبه على شخص، طبيعي أو معنوي، غير المصرف. 

ولا بدّ أن يكتب الشيك على نموذج خاص، يتولى طبعه المصرف المسحوب عليه، ويقدمه إلى عميله. وعندما يرغب العميل في سحبه، فما عليه سوى ملء هذا النموذج وتوقيعه. ويُعَدّ الشيك وسيلة وفاء فقط؛ ولذلك، فهو يكون واجب الدفع، عند الاطلاع.

شروط إنشاء الشيك

لإنشاء الشيك صحيحاً، لا بدّ من عدة شروط، شكلية وموضوعية. 

1. الشروط الشكلية

تُعِدُّ المصارف نماذج للشيك، وتسلّمها إلى عملائها. وتتضمن كل “ورقة شيك” اسم العميل، ورقم حسابه المفتوح له في المصرف. أمّا باقي البيانات (مثل تاريخ الشيك، واسم المستفيد، والمبلغ المسحوب على المصرف، ومكان توقيع الساحب)، فتترك فارغة، ليملأها العميل نفسه؛ وأهمها: 

أ. توقيع الساحب

يجب أن يتضمن الشيك توقيع محرِّره، والذي يُعَدّ من أهم البيانات، التي يجب أن يتضمنها صك الشيك؛ وإلاَّ فقدَ كل قيمة قانونية له. ويجوز أن يوقع الساحب الصك، بخط يده، أو بالختم، في حالة عدم استطاعته ذلك؛ كما قد يكون التوقيع ببصمة الإصبع. 

ب. تاريخ الإنشاء

يجب أن يتضمن الشيك تاريخ تحريره. فإذا خلا من هذا التاريخ، أو تضمن تواريخ متعددة، أصبح معيباً. ويجوز للمحرِّر أن يترك هذا البيان فارغاً، على أن يملأه المستفيد، وقتما يشاء. 

ج. اسم المستفيد مصحوباً بشرط الأمر

المستفيد في صك الشيك، هو الدائن، الذي يجب إيضاح اسمه، حتى لا يقع غلط في تحديد شخصيته، عند تقديمه الشيك إلى المصرف، للوفاء بقيمته. 

واسم المستفيد، يجب أن يكون مصحوباً بشرط الأمر، أي أن يكون مقروناً بعبارة “للأمر”، أو “للإذن”، على الصك نفسه، سواء قَبْل اسم المستفيد أو بعده. 

أما إذا كان الشيك لحامله، فيجب أن يصدر الصك متضمناً لفظ “لحامله”. وتصدر المصارف، عادة، نماذج مطبوعة، متضمنة هذا البيان، على أنه إذا كتب محرِّر الشيك ما يفيد إلغاء شرط الأمر (كالتأشير عليه بعدم قابليته للتداول، أو حذف عبارة للأمر)، فقدَ الصك صفته التجارية، وأصبح ورقة مدنية، غير قابلة للتداول من طريق التظهير؛ إذ يُعَدّ الشيك صادراً باسم شخص معين. 

وقد يكون ساحب الشيك محرره. ويلجأ الساحب إلى ذلك، عادة، عندما يرغب في سحب مبالغ مودعة في حسابه، لدى المصرف. 

د. اسم المسحوب عليه

يجب أن يتضمن الشيك اسم المصرف المسحوب عليه الصك. وعادة ما يكون اسمه (أو فرعه) مطبوعاً مسبقاً على نموذج الشيك، وبيان المكان، الموجود فيه هذا المصرف. 

ولقد عمد الساحب إلى إصدار أمر إلى المصرف المسحوب عليه الشيك، بناء على علاقة سابقة بينهما أصبح بنتيجتها محرر الشيك دائناً للمصرف، وتسمى هذه العلاقة مقابل الوفاء. 

هـ. مبلغ الشيك

إن موضوع الحق، الثابت في أي ورقة تجارية، هو مبلغ من النقود. لذلك، وجب أن يكون هذا المبلغ مبيناً في الشيك، ومحدداً على وجه الدقة. واشتراط ذكر المبلغ، بطريقة واضحة، لا لبس فيها، يتفق مع “مبدأ الكفاية الذاتية للورقة التجارية”؛ أي كونها تكفي بذاتها، بمجرد الاطلاع عليها، لتحديد أشخاصها ومضمونها، والمبلغ المعين فيها. فإذا كان الوفاء بالمبلغ، المذكور في الشيك، معلقاً على شرط، مثل تسليم بضاعة، فان الصك يخرج من عداد الأوراق المالية التجارية. 

وجرى العرف، أن يكتب بيان مبلغ الشيك مرتين: أحدهما بالحروف، والأخرى بالأرقام؛ وذلك لتأكيد رقم مبلغ الشيك، ومنعاً للتلاعب به وتزويره. 

و. الأمر بالدفع لدى الاطلاع

يجب أن يوجه الساحب أمراً إلى المسحوب عليه، بالدفع لدى الاطلاع على الشيك. فلا يصح أن يُصدر الشيك بصيغة التعهد بالدفع، كما هو الحال في السند الإذني. 

ويجب أن يصدر هذا الأمر مجرداً من أي شرط أو تأجيل؛ وإلاَّ فقدَ صفته، كشيك. 

ويفقد الصك صفته، كشيك، إذا كان مضافاً إلى آجل؛ ويتحول إلى كمبيالة، إذا استوفى بقية البيانات اللازمة لذلك.

 

فـ. الشيك المؤخر التاريخ

قد يعمد الساحب، عند تحريره الشيك، إلى تأخير سحبه، قاصداً بذلك تأخير تقديم الشيك للوفاء بقيمته، حتى يستفيد من فترة تأجيل الدفع، وإرسال مقابل الوفاء إلى المصرف المسحوب عليه. ولا تؤدي عملية سحب الشيك إلى بطلانه. 

وهذا المفهوم يعارض إحدى الخصائص و الأركان الأساسية للشيك، و هي أنه يستحق الوفاء بمجرد الاطلاع، و أنه لا يُعَدّ أداة للائتمان. 

ولذلك، فإن بعض الدول، مثل فرنسا، على الرغم من أنها تَعُدّ الشيك المؤخر التاريخ صحيحاً، إلا أن القانون التجاري الفرنسي، قد نص على أنه، في حالة تقديم الشيك إلى المصرف، من قِبل حامله، في تاريخ سابق على التاريخ المحدد كتاريخ إصدار؛ فإن المصرف، في هذه الحالة، يلتزم بالوفاء بقيمة الشيك، على الرغم من عدم حلول ميعاد التاريخ المبين في الصك. 

والمفهوم السابق نفسه، يؤخذ به في بعض الدول العربية، كالمملكة العربية السعودية؛ إذ ينص نظام الأوراق التجارية السعودي(‘المادة (102).’)،على أن الشيك يكون صحيحاً، ويُعَدّ مستحق الوفاء، في أي وقت؛ و ذلك بصرف النظر عن تقديم تاريخ الشيك أو تأخيره. 

وعلى عكس ذلك، فلقد جرى العرف، في بعض الدول الأخرى، مثل جمهورية مصر العربية، أن يترتب على تأخير إصدار الشيك، التزام على المستفيد بعدم تقديمه إلى المصرف المسحوب عليه، قبل ذلك التاريخ؛ ويحق للمصرف رفض الوفاء بقيمة الشيك، إذا ما توجّه حامله إلى المصرف، قبل التاريخ المبين في الصك. 

2. الشروط الموضوعيـة

يُعَدّ إصدار الشيك تصرفًا قانونياً، من جانب واحد، يتحقق بإرادة واحدة، هي إرادة الساحب. 

ولكن، لكي يكون هذا الالتزام صحيحًا، فإنه يجب استيفاء شروط موضوعية، إلى جانب الشروط الشكلية، لإبرام أي تصرف قانوني، وهي الإرادة، والمحل والسبب، والأهلية. 

أ. الرضــــاء

ويقصد بالرضاء اتجاه إرادة المحرِّر، إلى قبول التزام عليه، بتوقيعه الشيك. 

ولصحة التزام المحرِّر، يجب أن يكون رضاؤه موجوداً، وسليماً، وخالياً من أي عيب من عيوب الإرادة، كالغلط، والإكراه، والتدليس؛ وإلاَّ كان التزامه باطلاً. 

ب. المحل والسبب

محل أي عقد، هو إنشاء التزام، أو نقله، أو تعديله، أو إنهاؤه. 

ومحل الالتزام، الذي يجب أن يثبت في الشيك، ينحصر في دفع مبلغ معين من النقود. فإذا كان محل الالتزام في الصك شيئاً آخر، غير دفع مبلغ نقدي (كتسليم عقار)، فقدَ صفته، كشيك، وخرج من نطاق الأوراق التجارية. 

كذلك، يجب أن يكون سبب التزام المحرر موجوداً، ومشروعاً؛ ويشترط لمشروعية السبب، ألاَّ يكون مخالفًا للقواعد والآداب العامة (كأن يكون سحب شيك، وفاءً لصفقة مخدرات). 

ج. الأهليـــة

يشترط لصحة أي تصرف قانوني، أن يتمتع صاحبه بالأهلية اللازمة لإبرامه، أي أن لا يكون مصاباً بأي عارض من عوارض الأهلية؛ وأن يكون قد بلغ السن، التي يجب أن يبلغها من يلتزم بالشيك (وتختلف هذه السن من تشريع إلى آخر). 

ويجب ملاحظة إمكانية سحب الشيك، بالنيابة، من طريق وكيل الساحب، الذي يوقع الصك، ويضيف إلى توقيعه ما يفيد أنه يوقع نيابة عن موكله

ثالثاً: أنواع الشيكات

 

توجد عدة أنواع من الشيكات، معروفة ومتداولة حتى الآن، هي: الشيك المسطر، والشيك السياحي، والشيك المعتمد.

  1. الشيك المسطر

الشيك المسطر، هو شيك، المستفيد فيه أحد المصارف؛ فلا يجوز الوفاء بالشيك المسطر لحاملة، إذا كان فردًا عاديًا. فإذا كان المستفيد من الشيك شخصاً عادياً، وجب عليه تظهير الشيك تظهيراً ناقلاً للملكية، لأحد المصارف (أو من طريق توكيل أحد المصارف)، الذي يتقدم، بدوره، إلى المصرف المسحوب عليه، للوفاء بقيمة الشيك.

ويتميز الشيك المسطر عن الشيك العادي، بوجود خطين متوازيين على صدره، بينهما فراغ. وقد خصّه قانون جنيف الموحد بتنظيم، تضمنته نصوص الفصل الخامس منه، حيث نص على عدم جواز صرف الشيك المسطر، إلاَّ لأحد المصارف، أو لعميل المصرف المسحوب عليه الشيك.

والتسطير على صدر الشيك، قد يكون عاماً أو خاصاً.

والتسطير العام، يقصد به ترك الفراغ بين الخطين، من دون الإشارة إلى اسم مصرف معين. وبموجب هذا النوع من التسطير، يجوز الوفاء بقيمة الشيك لأي مصرف يتقدم بالصك إلى المصرف المسحوب عليه.

أما بالنسبة إلى التسطير الخاص، فيملأ فيه الفراغ الموجود بين الخطين، باسم مصرف معين. وفي هذه الحالة، يلتزم المصرف المسحوب عليه، بعدم الوفاء بقيمة الشيك، إلاَّ للمصرف المذكور اسمه، دون غيره.
و هذا نموذج للشيك المسطر

ويجوز تسطير الشيك، من قبل الساحب، أو أحد المظهرين، أو من قبل المصرف، الذي يتولى خصم الشيك أو تحصيله. 

ويهدف تسطير الشيك إلى تفادي أخطار ضياعه، أو سرقته؛ إذ لا يجوز لمن يسرق الشيك أو يزوره، التقدم لصرفه، إلاَّ من طريق تظهيره لأحد المصارف، الذي يعمد إلى التحقق من شخصية حامل هذه الورقة، قبل الرجوع إلى المصرف المسحوب عليه.

الشيك المعتمد

يختلف الشيك عن الكمبيالة، في أنه لا يجوز تقديمه إلى المصرف للحصول على قبوله؛ على عكس الكمبيالة، التي يجوز تقديمها إلى المصرف المسحوب عليه، للحصول على قبولها. وجاء قانون جنيف الموحد، ليؤكد هذا المفهوم، ويحظر مبدأ قبول الشيك. 

ولكن بعض الوسائل المصرفية، قللت من شأن هذا المفهوم؛ إذ أدخلت فرنسا، عام 1935، نصاً جديداً، يجيز تقديم الشيك إلى المصرف، للتأشير عليه بالاطلاع (Visa)؛ والتأشير على الشيك بالاطلاع، يعني تصديق المصرف على وجود مقابل وفاء لهذا الشيك، في تاريخ التأشير فقط. 

فهو، بذلك، لا يلزم المصرف بتجميد مقابل للوفاء بالشيك، حتى تاريخ الاستحقاق. 

وبعد ذلك، بدأ ظهور الشيك المعتمد، الذي يعتمده المصرف المسحوب عليه، بتوقيعه.
وباعتماد البنك للشيك، فإنه يصبح ملزمًا بتجميد الرصيد الخاص بهذا الشيك، طوال الفترة المحددة، لتقديم الشيك للوفاء. 

ولعدم معارضة أحكام قانون جنيف الموحد ،في هذا الصدد، فلقد مُيِّز اعتماد الشيك عن قبول الكمبيالة؛ فهو يعني التزام المصرف بحجز مقابل الوفاء بالشيك، في مصلحة المستفيد، لفترة محددة. أما قبول الكمبيالة، فهو يعني إلزام الشخص المسحوب عليه بدفع قيمة الكمبيالة، في أي وقت، بداية من تاريخ الاستحقاق، يتقدم فيه المستفيد، مطالباً بالوفاء، ومن دون تحديد هذا الوقت بفترة زمنية. 

وهناك أنواع أخرى من الشيكات، مثل الشيكات المستندية، الذي يكون الوفاء فيه مشروطاً بتقديم مستند (فاتورة)؛ والشيك على بيــاض، الذي يوقعه الساحب، من دون ذكر المبلغ الواجب الوفاء به، بقيد مبلغه لحساب الحامل، وعلى حساب الساحب . فلا يجوز صرفه، نقداً. 

ذلك إضافة إلى الشيك المصرفي، الذي يمثل أمراً، يحرره المصرف على نفسه، بوفاء مبلغ معين لدى الاطلاع، للمستفيد منه. ويكون تحرير المصرف لهذه الورقة، بناء على طلب عميله، الذي يرغب في تقديمها إلى شخص ثالث. وواضح أن هذا الصك، لا يمثل شيكاً، بالمعنى القانوني، بل يمثل سنداً عادياً (إذنياً أو لحامله، أو اسمياً)؛ ذلك لأنه لا يتضمن أمراً بالدفع، بل تعهداً من المصرف بدفع مبلغ معين إلى المستفيد.

تداول الشيك والوفاء بقيمته

  1. تداول الشيك

إن انتقال الشيك، يكون وفقًا للشكل، الذي يصدر به. فإذا كان الشيك لحامله، فإنه يُتَداوَل بالمناولة. أما إذا كان الشيك إذنياً، أو لأمر شخص معين، فلا بدّ من تظهير ناقل للملكية، كتابة، على ظهر الشيك، بما يفيد انتقاله إلى المحال إليه. وكلما ازداد التظهير في الشيك، ازدادت التوقيعات، التي يحملها، وازداد، استطراداً، الضمان المقرر له؛ إذ يضمن كل مظهر الوفاء بالشيك، متى امتنع المصرف المسحوب عليه عن الدفع.

ويختلف الشيك عن الكمبيالة، من حيث كونه وسيلة وفاء مستحقة الدفع لدى الاطلاع. إضافة إلى أن مدة تقديمه للوفاء قليلة نسبياً؛ ما يجعل حياته، غالباً، أقصر من حياة الكمبيالة. وهذا يرجع إلى جعله واجب الدفع دائماً، بمجرد الاطلاع.

وفي أغلب الحالات، يكون تظهير الشيك للمصرف، كي يتولى تحصيله، نيابة عن حاملة؛ وذلك في مقابل عمولة تحصيل، يحصل عليها المصرف.

وجدير بالذكر أنه إذا لم يستوف التظهير سوى توقيع المظهِّر، فإنه يفترض أن نيَّةَ المظهر، اتجهت إلى التظهير.

  1. الوفاء بقيمة الشيك

إن عملية سحب الشيك، تفترض وجود علاقة سابقة، بين الساحب (الدائن) والمسحوب عليه، المصرف (المدين).

والشرط الأساسي في هذه العلاقة، أن يكون رصيد الساحب لدى المصرف، مساوياً لقيمة الشيك، وقابلاً للتصرف فيه.

وبناءً على ذلك، إذا كان لعميل عدة حسابات لدى مصرف واحد، ثم أصدر شيكاً على أحد هذه الحسابات، فإنه لا يجوز للمصرف، إذا كان الحساب المسحوب عليه الشيك، لا يسمح بالوفاء، أن يسحب من الحسابات الأخرى، التي بها أرصدة دائنة، لكي يغطي مبلغ الشيك.

وبذلك، يُعَدّ الشيك شيكاً من دون رصيد، ما لم يكن هناك اتفاق بين المصرف والعميل، يقضي بوحدة الحسابات. وإصدار شيك من دون رصيد هو جريمة، يعاقب عليها القانون، في مختلف دول العالم.
ولإثبات عدم وجود رصيد للشيك، في المصرف المسحوب عليه، يطلب حامل الشيك رداً من المصرف على الشيك نفسه، بما يفيد تقديمه في التاريخ المحدد بمقتضاه، إلى المصرف المسحوب عليه، وإفادته بعدم وجود رصيد للساحب، يغطي مبلغ الشيك.

بعد ذلك، يستوفي حامل الشيك الإجراءات القانونية، بموجب الشيك والرد الموجود عليه، والرجوع إلى المستفيد، للوفاء بقيمة الشيك.

أخطار الشيك، ووسائل الحدّ منها

هناك عدة أخطار، يتعرض لها المتعاملون بالشيك، تفرض اتخاذ الاحتياطات للحدَ منها.

  1. خطر انعدام مقابل الوفاء، أو عدم كفايته

لتلافي هذا الخطر، يتعين على المستفيد، أن يطلب من الساحب اعتماد الشيك، قبل إصداره؛ وذلك لإلزام المصرف المسحوب عليه بحبس مقابل الوفاء، في مصلحة المستفيد، حتى فترة انقضاء ميعاد تقديم الشيك.

  1. خطر الضياع أو التزوير

هناك عدة صور لخطر ضياع الشيك، أو تزويره:

أ. ضياع الشيك

ويقصد بضياع الشيك، زوال اليد عنه، ويكون هذا الزوال، إما بسبب غير إرادي (كالسرقة والإكراه)، أو بسبب إرادي، من طريق النصب.

وأشهر مثال على ضياع الشيك، من دون ورود تزوير عليه، حالة ضياع الشيك لحامله؛ وذلك لأنه لا يحتاج إلى التزوير، لكي يصرفه.

ب. ضياع الشيك وتزويره

قد يُسرَق نموذج الشيك من دفتر الشيكات، الذي سلَّمه المصرف لفرد، أو منشأة. ثم يعمد سارقه إلى تزوير إمضاء صاحب الحساب، ويحرره في مصلحته، أو مصلحة شخص آخر، حسن النية، يتقدم به إلى المصرف، مطالباً الوفاء.

وقد يُسرَق شيك، حرره الساحب، باسم المستفيد، ويُسرق الشيك منه. فيلجأ السارق إلى تزوير توقيع المستفيد، ويجري تظهيره في مصلحته.

ج. تزوير الشيك، من دون ضياعه

والفرض الغالب في تزوير الشيك، من دون ضياعه، أن يُصدر الساحب شيكاً لشخص مستفيد، ويبادر الأخير إلى تغيير المبلغ المستحق الوفاء بالشيك، ليصبح أكبر من المبلغ الأصلي، الذي حُرِّر الشيك به.

  1. الحد من أخطار السرقة والضياع

بالنسبة إلى ضياع الشيك، من دون تزويره، أو ضياعه وتزويره، فإنه على الساحب أن يعارض الوفاء بقيمة الشيك لدى المسحوب عليه، بمجرد اكتشافه واقعة الضياع.

فإذا عارض الساحب، تعين على المصرف المسحوب عليه، الامتناع عن دفع قيمة الشيك؛ إضافة إلى تجميد المقابل، ريثما يُفصَل في صحة المعارضة المقدمة من الساحب، من عدمها. وإذا لم تقع المعارضة، فإنه يصعب على المصرف رفض الوفاء بقيمة الشيك، للحامل، متى كان لديه مقابل وفاء كافٍ.

أما بالنسبة إلى عملية التزوير، من دون ضياع الشيك، فإنه يستحيل على الساحب، أن يعارض الوفاء بقيمة الشيك، لعدم استطاعته التنبؤ بعملية التزوير.

ولتجنب هذا النوع من الأخطار، فإنه على المصرف، أن يتخذ واجبات الحيطة، التي يقررها العرف، مثل التحقق من سلامة الورقة، ومقابلة التوقيع الوارد عليها، بنموذج توقيع العميل، في المصرف.

هذا وقد عُنيت المواد الآتية، بعد، من قانون التجارة الموحد، لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالشيك، من حيث:

(1) أركانه، المواد من 568 إلى 577.

(2) تعدد النسخ والتحريف، المواد من 578 إلى 580.

(3) تداول الشيك بالتظهير، المواد من 581 إلى 587.

(4) الضامن الاحتياطي، المادة 588.

(5) وفاء الشيك، المواد من 589 إلى 599.

(6)الشيك المسطر، والشيك المقيد في الحساب، المواد من 600 إلى 602.

(7) الامتناع عن الوفاء، المواد من 603 إلى 606.

(8) التقادم، المواد من 607 إلى 610.

(9) الادعاء المدني في جرائم الشيكات، المادة 611.

تأثير التطور التكنولوجي في مستقبل الشيك

أسفر التقدم التكنولوجي عن إيجاد بطاقات الائتمان، وآلات السحب، المتوافرة في أغلب دول العالم. ويستخرج المصرف هذه البطاقة لعميل لديه، إما بناءً على الثقة الائتمانية، التي له، أو بناء على وديعة للعميل، احتجزها المصرف، ويوازي مبلغها حدّ السحب للعميل، على البطاقة.

وعندما يسحب صاحب البطاقة (العميل) مبلغاً معيناً من آلات السحب، الموجودة في شوارع الكثير من دول العالم، فما عليه سوى إدخال الرقم السري للبطاقة في آلة، هي، في الحقيقة، وحدة حاسب آلي، مبرمجة، ومتصلة بغرفة الحاسب الآلي المركزية للمصرف. ويلجأ هذا الحاسب الآلي إلى الكشف عن رصيد العميل، صاحب البطاقة؛ فإذا كان يسمح بسحب المبلغ المطلوب، فإن الآلة تستخرجه، وفي الوقت نفسه، تخصمه من حساب العميل.

وهذه العملية نفسها، هي التي تؤديها الأجهزة الإلكترونية في المحلات، فتخصم على العميل قيمة البضاعة المشتراة، وتضيفها إلى حساب صاحب المتجر، لدى المصرف نفسه، أو لدى مصرف آخر.

وظهر نوع آخر من البطاقات، لا يمثل ائتماناً؛ ولكنه يمثل سحبًا من الحساب الجاري. وعادة ما يستخدم لصرف المرتبات، في الشركات والهيئات الكبيرة.

وأصبحت هذه البطاقات منتشرة، ومتنوعة، ومتعددة، بصورة مذهلة؛ ما قد يؤدي إلى التأثير في الشيك، والحدّ من استخدامه، في المستقبل، ليصبح قاصرًا على الوفاء بالمبالغ الضخمة فقط.

 

 

 

 

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*