توزيع الاختصاص القضائي بين محاكم مجلس الدولة

توزيع الاختصاص القضائي بين محاكم مجلس الدولة:

حيث أن محكمة القضاء الإداري هي المحكمة ذات الاختصاص العام من بين محاكم القسم القضائي بالمجلس، وهذا يعني أنها تختص بكافة المنازعات التي لم يرد في شأنها نص في قانون المجلس يجعلها من اختصاص المحاكم الإدارية أو المحاكم التأديبية. ولهذا يجب البدء بتحديد اختصاص المحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية أولاً، ثم اختصاص محكمة القضاء الإداري بعد ذلك.

اختصاص المحاكم الإدارية:

تختص المحاكم الإدارية في المسائل المتعلقة بالموظفين العموميين من المستوى الثاني والمستوى الثالث[9] ومن يعادلهم، وتختص كذلك أيضاً بالفصل في المنازعات الخاصة بالعقود الإدارية متى كان قيمة المنازعة لا تجاوز خمسمائة جنيه[10].

الحكم الصادر وطريقة الطعن فيه:
تفصل المحام الإدارية في المنازعات الداخلة في اختصاصها بوصفها محاكم أول درجة من درجات التقاضي وأحكامها تقبل الطعن بأحد طريقتين:
1- يجوز تقديم استئناف ضد أحكام المحاكم الإدارية أمام محكمة القضاء الإداري، سواء من ذوي الشأن أو من رئيس هيئة مفوضي الدولة. وميعاد الاستئناف هو ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم.

2- كذلك يجوز تقديم التماس إعادة النظر في الحكم أمام نفس المحكمة الإدارية التي أصدرت الحكم، وذلك في المواعيد والأحوال المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية (وهذه الحالات محددة وتدور عموماً حول مسائل ووقائع تؤثر في الحكم الصادر وتجعله معيباً – انظر المادة 241 من قانون المرافعات)[11].

 

اختصاص الحاكم التأديبية:

تنقسم المحاكم التأديبية إلى نوعين:
1- المحاكم التأديبية للعاملين من مستوى الإدارة العليا وما يعادلهم. وتتكون كل منها من دائرة أو أكثر وكل دائرة تشكل من ثلاثة مستشارين (وهما محكمتان أحداهما بالقاهرة والأخرى بالإسكندرية).

2- المحاكم التأديبية للعاملين من المستوى الأول والثاني والثالث ومن يعادلهم. وتتكون كل منها من دوائر، وتتشكل كل دائرة برئاسة مستشار مساعد على الأقل وعضوية أثنين من النواب على الأقل.

الاختصاص النوعي:
المحاكم التأديبية بنوعيها تختص بمجموعتين من المسائل التأديبية:
أولاً: من ناحية أولى: تختص المحاكم التأديبية بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات الإدارية والمالية التي تقع من:
1- العاملين المدنيين بالدولة في وزارات الحكومة ومصالحها، ووحدات الحكم المحلي، والعاملين بالهيئات العامة.

2- العاملين بشركات القطاع العام. ولكن طبقاً للمادة 44 من قانون 203 لسنة 1991م بشأن شركات قطاع الأعمال العام تختص المحاكم التأديبية فقط بالنسبة للعاملين في الشركات القابضة. أما العاملين في الشركات التابعة فهم يخضعون في تأديبهم لقانون العمل تحت رقابة القضاء العادي.

3- العاملين بالشركات التي تضمن لها الحكومة حداً أدنى من الأرباح.

4- أعضاء مجالس إدارة التشكيلات النقابية المشكلة طبقاً لقانون العمل.

5- أعضاء مجالس الإدارة المنتخبين طبقاً لأحكام القانون رقم 141 لسنة 1967 في شأن تشكيل مجالس الإدارة المنتخبين طبقاً لأحكام القانون رقم 141 لسنة 1967 في شأن تشكيل مجالس الإدارة في الشركات والجمعيات والمؤسسات الخاصة وكيفية تمثيل العاملين فيها.

6- العاملين بالجمعيات والهيئات الخاصة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية ممن تجاوز مرتباتهم خمسة عشر جنيهاً شهرياً (ومن أمثلة تلك الجمعيات والهيئات الخاصة الجمعيات أو الاتحادات التعاونية والشركات القائمة على التزامات المرافق العامة).

ويتولى أعضاء النيابة الإدارية الادعاء أمام المحاكم التأديبية[12].

ثانياً: ومن ناحية أخرى تختص المحاكم التأديبية أيضاً بالفصل في الطلبات التي يقدمها العاملون بالجهاز الإداري بالدولة أو القطاع العام بإلغاء القرارات التأديبية التي تصدرها السلطات الرئاسية. والمقصود هنا هو طلبات إلغاء القرارات الجزائية التي يجوز قانوناً إصدارها بالطريق الإداري. فقد حدد قانون العاملين المدنيين بالدولة الجزاءات التي تستطيع السلطة الإدارية المختصة توقيعها. كذلك حدد قانون العاملين بالقطاع العام الجزاءات التي تستطيع شركات القطاع العام توقيعها على العاملين بها، ولكن صلاحيات المسئولين بشركات القطاع العام أوسع مدى من صلاحيات السلطات الإدارية في الجهاز الإداري بالدولة إذ يجوز لرئيس مجلس إدارة الشركة العامة توقيع جزاء الفصل على العاملين من المستوى الثالث، ولكن بعد أخذ رأي اللجنة الثلاثية التي تتكون من مدير مديرية العمل المختص وممثل اللجنة النقابية وممثل الوحدة الاقتصادية.

 

الاختصاصات الفرعية – مدونة التكامل القانوني
وإلى جانب هذين الاختصاصين الأساسيين للمحاكم التأديبية هناك بعض الاختصاصات الفرعية.
1- تختص المحكمة التأديبية، بالنسبة للعاملين الخاضعين للمحاكم التأديبية، بالفصل في طلبات وقفهم عن العمل أو مد هذا الوقف أو صرف المرتب كله أو بعضه أثناء الوقف (مادة 16 من قانون مجلس الدولة).

2- قضت المحكمة الإدارية العليا بأن اختصاص المحاكم التأديبية في الطعون بالإلغاء في القرارات التأديبية، لا يقتصر على القرارات الجزائية الصريحة في نطاق الجزاءات التي حددها القانون، بل يشمل أيضاً كل قرار إداري يخفي في حقيقته جزاء تأديبياً مقنعاً ومستتراً في طبقات قرار آخر. مثل قرارات نقل الموظفين التي تتضمن في جوهرها اتجاه نية الإدارة لعقاب وليس نقله لصالح العمل[13]. ولكن تم العدول عن هذا الاتجاه في الأحكام الأحدث.

3- قضت المحكمة الإدارية العليا أيضاً في حكمها بتاريخ 14/1/1978م بان اختصاص المحاكم التأديبية بالطعون في قرارات توقيع الجزاءات يشمل أيضاً اختصاصها بالطلبات المرتبطة جوهرياً بتلك القرارات مثل قرار السلطة الرئاسية المختصة بمجازاة العامل لإهماله مع تحميله نسبة من قيمة العجز فالقرار الخاص بتحميل العامل بنسبة من العجز الناتج عن إهماله يرتبط بصفة جوهرية بالقرار الجزائي لاتحاد الموضوع ووحدة الهدف في القرارين معاً. ومن ثم تختص المحكمة التأديبية بالطعن في القرار المرتبط بالقرار الجزائي الأصلي.

بقي أن نشير إلى ملاحظة هامة على الاختصاصات التأديبية للمحاكم التأديبية. وهي أن تلك الاختصاصات سواء المتعلقة بتوقيع الجزاءات أو بالطعون في الجزاءات الموقعة من السلطة الرئاسية المختصة، في الحالتين هذه الاختصاصات تمارسها المحاكم التأديبية بالنسبة للعاملين بالجهاز الإداري في الدولة أي الموظفين العموميين وكذلك بالنسبة للعاملين بشركات القطاع العام. مع العلم بأن شركات القطاع العام يعتبرها مجلس الدولة من أشخاص القانون الخاص بوصفها شركات تجارية، مما يستتبع عدم اختصاص مجلس الدولة كقضاء إداري بمنازعاتها وبالذات منازعات العاملين بها لأنهم ليسوا موظفين عموميين. ولكن يرد على هذا الأصل العام استثناء هاماً، هو خضوع العاملين بهذه الشركات لاختصاص المحاكم التأديبية، أي أن الاستثناء يتعلق فقط بالمجال التأديبي، مع ملاحظة أن قانون 203 لسنة 1991م في شأن قطاع الأعمال العام قد قصر اختصاص المحاكم التأديبية على العاملين في الشركات القابضة وحدها، دون العاملين في الشركات التابعة الذين يخضعون لاختصاص القضاء المدني العادي، طبقاً لقانون العمل (المادة 44 من القانون)[14].

توزيع الاختصاص بين المحاكم التأديبية:
أولًا: بالنسبة لتوزيع الاختصاص بين نوعين المحاكم التأديبية، أي بين تلك الخاصة بالعاملين من مستوى الإدارة العليا وبين المحاكم التأديبية لبقية العاملين من المستويات الأدنى، فإن هذا التوزيع يخضع للمبادئ التالية:
1- المعيار الأساسي في توزيع الاختصاص بين هذين النوعين من المحاكم هو المستوى الوظيفي للعامل المحال للمحاكمة وقت إقامة الدعوى التأديبية وليس المستوى الوظيفي الذي كان يشغله الموظف وقت ارتكاب المخالفة.

2- إذا تعدد العاملون المقدمون إلى المحاكمة التأديبية وكانوا من مستويات وظيفية مختلفة، كانت المحكمة المختصة بمحاكمة أعلاهم في المستوى الوظيفي هي المختصة بمحاكمتهم جميعاً.

3- المحكمة التأديبية للعاملين من المستوى الأول والثاني والثالث هي المختصة بمحاكمة أعضاء مجالس إدارة التشكيلات النقابية المشكلة طبقاً لقانون العمل، وأعضاء مجلس الإدارة المنتخبين، والعاملين بالشركات والجمعيات والهيئات التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية ممن تجاوز مرتباتهم خمسة عشر جنيهاً شهرياً.

ثانيا: بالنسبة لتوزيع الاختصاص المكاني أو الجغرافي بين المحاكم التأديبية من نفس النوع، أي بين المحاكم التأديبية للمستويات الأول والثاني والثالث فيما بينها أو بين محكمتي القاهرة والإسكندرية لمستوى الإدارة العليا، العيرة في تحديد المحكمة المختصة مكانياً هي الجهة التي وقعت فيها المخالفة، فتخص المحكمة التأديبية لهذه الجهة.

وفي حالة التعدد العاملين المتهمين بارتكاب مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبطة، وكانت جهات عملهم منتشرة في دائرة أكثر من محكمة تأديبية، اختصت بمحاكمتهم جميعاً المحكمة التأديبية التي وقعت في دائرتها المخالفة أو المخالفات المرتبطة. وإذا تعذر تعيين المحكمة المختصة عينها رئيس مجلس الدولة بقرار منه[15].

الحكم الصادر وطريقة الطعن فيه:
أحكام المحاكم التأديبية نهائية لا تقبل الاستئناف، ولكن يجوز الطعن فيها مباشرة أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحوال الثلاث التالية (وهي نفس حالات الطعن بالنقض في القضاء العادي):
1- إذا كان الحكم المطعون فيه مبنياً على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله.

2- إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم.

3- إذا صدر الحكم على خلاف حكم سابق حاز قوة الشيء المحكوم به.

ويقدم الطعن من ذوي الشأن الوزير المختص ورئيس الجمهورية المركزي للمحاسبات ومدير النيابة الإدارية، وذلك طبقا للمادة 22 من قانون مجلس الدولة[16].

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*