قائمة المنقولات في القانون المصري: هل هي ضمان لحقوق الزوجة أم أمان للزوج؟

 بقلم الأستاذ/ السيد فهمي، المحامي بالنقض

بريد الكتروني: sayed.fahmy@aiolawyers.com

 

 

قائمة المنقولات في القانون المصري

تُعد قائمة المنقولات في مصر وثيقة أساسية تضمن حقوق الزوجة في منقولات الزوجية. فهي بمثابة عقد أمانة يقرّ فيه الزوج باستلامه لتلك المنقولات من الزوجة، ويلتزم بردها عند طلبها. فقائمة المنقولات أو ما يطلق عليه في العرف المصري ب «القائمة»، هي بمثابة عقد من عقود الأمانة، التي نص عليها قانون العقوبات، لأجل ذلك وجب على الزوج أن يقر بأنه استلم القائمة الزوجية على سبيل الأمانة، وأنه ملتزم بشكل صريح بردها متى طلب منه ذلك، ويتم توضيح وحصر تلك المنقولات والزوج يقوم بالتوقيع عليها. ومحاكم الأسرة تكتظ بالدعاوى المتعلقة بقائمة المنقولات سواء من ناحية التبديد أو من ناحية استردادها من قبل الزوجة وعادة ما تصدر أحكام في مثل هذه القضايا بالحبس وإيقاف التنفيذ وعدم براءة ذمة المتهم «الزوج» بشكل كامل.

 الشروط والإجراءات التي لابد من توافرها عن كتابة قائمة المنقولات والفروق الجوهرية من الناحية القانونية

تاريخ قائمة المنقولات وأول من استخدم قائمة المنقولات فى مصر

تاريخ القائمة وأصلها:

  • نشأت قائمة المنقولات في مصر داخل الطائفة اليهودية عند تزويج بناتهم للمسلمين.
  • كانت القائمة وسيلة لضمان مستقبل بناتهن، ومنع تعدد الزوجات.
  • انتقل هذا العرف إلى عائلات المسلمين، وأصبح له قانون وعرف خاص به.

يتبادر إلى الذهن سؤالاً حول أصل هذه العادة المصرية.

ويرجع أصل القائمة فى مصر داخل الطائفة اليهودية عند تزويج بناتهم للمسلمين  في القاهرة، وهناك نسخة ما زالت محفوظة لأقدم قائمة زواج كُتبت في مصر منذ نحو 850 سنة تقريباً، 

ووثقت القائمة كل شيء في مسكن الزوجية آنذاك على النحو التالي “زوج ملاعق، معرقة، بردة، رداء قلموني، جوكانية مشهر وردة، نصف رداء مشفّع، جوكانية بياض، جوكانية بياض، منديل، مرتبة طبري 4 قطع، زوج مخدات شمعي، زوج مخدات رُماني، سطل، وطاسة، وكوز زيت بغطاه”، وفقا لـ”الإندبندنت”.

وفي هذا الوقت كان الرجل المصري يجمع في الزواج بموجب قاعدة التعدد بين الأنثى اليهودية والمسلمة، ولكن لم يكن هذا عرف لدى المرأة اليهودية، لذا فإنها اعتبرت ذلك يهدد زواجها وبالتالي طلاقها إن رفضت التعدد، خصوصاً مع ميل الزوج إلى الإنجاب من زوجته المسلمة.

ولضمان اليهود على مستقبل بناتهم قاموا بتقييد الرجل المسلم بقائمة منقولات كبيرة، تمنعه من الزواج على بناتهم بأخريات مسلمات، وذلك من خلال توثيق جميع المنقولات، والمجوهرات الذهبية لتستردها الزوجة بعد الطلاق، وهو ما يجعل الزوج يتراجع ويفكر ألف مرة قبل الزواج مرة أخرى.

ولكن الشيء الغريب هو أن القائمة لم تنتهي باختفاء ظاهرة الزواج من اليهوديات ، بل توارثها المجتمع المصري، وانتقل هذا العرف إلى عائلات المسلمين.

وظلت القائمة في التناقل بين مختلف شرائح المجتمع في مصر، وأصبح لها قانون وعرف، وأحلته شرعاً دار الإفتاء مشروطاً بألا يساء استخدامه.

فقد أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى 

لا حرج شرعاً في الاتفاق على قائمة المنقولات الزوجية “قائمة العفش” عند الزواج، فلا بأس بالعمل بها على كونها من المهرإذا قامت الزوجة بإعداد بيت الزوجية في صورة جهاز؛ فإن هذا الجهاز يكون ملكاً للزوجة ملكاً وأضافت دار الإفتاء المصرية، فى الإجابة عن سؤال «ما هو حكم الشرع في قائمة المنقولات المنزلية داخل منزل الزوج، وبيان شرعية إمضاء الزوج على هذه القائمة التي سوف يحضرها أهل العروس؟»، أنه إذا ما قامت المرأةُ بإعداد بيت الزوجية بمقدم صداقها سواء أَمْهَرَهَا الزوجُ الصداقَ نَقدًا أو قَدَّمَه إليها في صورة جهازٍ أَعَدَّه لبيت الزوجية فإن هذا الجهاز يكون مِلكًا للزوجة مِلكًا تامًّا بالدخول، وتكون مالِكَةً لنصفه بعَقد النكاح إن لم يتم الدخول؛ كما جاءت بذلك نصوصُ القرآن الكريم وسنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

شروط قائمة المنقولات

  1. أن تكون المنقولات مملوكة للزوجة.
  2. أن تكون المنقولات في حوزة الزوج.
  3. أن يكون تسلم الزوج للمنقولات بموجب عقد أمانة.

ويجب أن يُقر الزوج بأنه استلم القائمة الزوجية على سبيل الأمانة، وأنه ملتزم بردها متي طلب من ذلك، ويتم توضيح تلك المنقولات وتزيل بتوقيع الزوج، ولكن هناك شروط لابد من توافرها عند كتابة «القائمة» كالتالي

1- أن يكون محل قائمة المنقولات أعيان منقولة فلا يصح أن يكون محل أو موضوع قائمة المنقولات أى شىء خلاف منقولات الزوجية يعني لا يجوز وضع الذهب «بالقائمة».

2-أن تكون المنقولات مملوكة للزوجة وأن تكون فى حوزة الزوج، فجوهر جريمة تبديد المنقولات هي ملكية هذه المنقولات للزوجة، ويعد الزوج أميناً عليها بناء على عقد من عقود الأمانة، وهنا تثار مشكلة ملكية الزوج لبعض المنقولات ضمن القائمة التى تدعى الزوجة ملكيتها لها، بحيث يلقى عليه عبء إثبات هذه الملكية. 

3-أن يكون تسلم الزوج منقولات الزوجية بموجب أحد عقود الأمانة. 

حقوق الزوجة في حال تبديد المنقولات:

  • للزوجة الحق في رفع دعوى تبديد منقولات الزوجية.
  • يمكن للزوجة استرداد المنقولات أو قيمتها.
  • يمكن للزوجة المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها.

وللزوجة الحق أن ترفع دعوى تبديد منقولات الزوجية فى حالة حدوث خلاف بينها وبين الزوج  وللزوج أن يقوم بعرض المنقولات علي الزوجة أو يقوم بالتبديد بالامتناع عن تسليم تلك المنقولات

 لكن ماذا لو تم صدور حكم ضد الزوج لتبديد منقولات الزوجية وانقضت العقوبة بمضي المدة بعد ٣ سنوات من صدور الحكم 

يجب أن نعلم جيداَ أن قائمة المنقولات من الناحية القانونية تُعد عقد من عقود الأمانة، التي نص عليها قانون العقوبات حيث نصت  المادة 341 من قانون العقوبات: «على أن كل من اختلس أو بدد مبالغ أو أمتعة أو بضائع أو نقود أو تذاكر أو كتابات أخرى، مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك إضراراً بمالكيها أو أصحابها أو واضعي اليد عليها، وكانت الأشياء المذكورة لم تسلم له، إلا على وجه الوديعة أو الإجارة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن أو كانت سلمت له بصفة كونه وكيلاً بأجرة أو مجاناً بقصد عرضها للبيع أو استعمالها فى أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره يحكم عليه بالحبس ويجوز أن يزيد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري

جريمة تبديد منقولات الزوجية، هي أحد الجرائم العمدية، فينبغي أن يعلم الزوج المتهم بالتبديد، أن المنقولات غير مملوكة له، وأنها بحوزته حيازة ناقصة لصالح زوجته، ويلزم بردها حال طلبها، فتعمد المتهم

التصرف فى المنقولات مع علمه بعدم ملكيته لها يُعد إضراراً بالزوجة المالكة لتلك المنقولات.

وغالبا يكون امتناع الزوج عن تسليم المنقولات راجعا الي انه هو ايضا يملك بعض تلك المنقولات فليست كلها ملك الزوجة .

إشكاليات قائمة المنقولات:

  • إشكالية انقضاء العقوبة بمضي المدة بعد 3 سنوات من صدور الحكم.
  • إشكالية عدم وجود قائمة منقولات.
  • إشكالية حالة الطلاق قبل الدخول.
  • إشكالية حالة رفع الزوجة دعوى خلع.
  • إشكالية الصورية في مقدم عقد الزواج.

إشكالية انقضاء العقوبة بمضي المدة بعد ٣ سنوات من صدور الحكم

وللإجابة على سؤال ماذا لو تم صدور حكم ضد الزوج لتبديد منقولات الزوجية وانقضت العقوبة بمضي المدة بعد 3 سنوات من صدور الحكم فلها مطالبته به أو قيمته، وبالتالي فإذا انقضت الدعوى الجنائية لتبديد المنقولات بمضي المدة فلا مفر من إقامة دعوي استرداد منقولات زوجية بمحكمة الأسرة و يسبقها إنذار علي يد محضر وتسوية بمحكمة الأسرة.
فى حالة عدم وجود قائمة منقولات 

وعن كيفية استرداد المنقولات الزوجية فى حال عدم تحرير قائمة منقولات زوجية للزوجة، فإنه لابد من  تحرير محضر إثبات حالة من الزوجة أن منقولاتها الزوجية في الشقة وأن زوجها لم يسلمها المنقولات الزوجية المملوكة لها وتذكر وصف هذه المنقولات وصفا دقيقا وتقدم بالمحضر صورة من إيصالات وفواتير شراء الأجهزة. ولها الاستعانة بشهادة الشهود

وكذلك للزوجة توجيه إنذار على يد محضر مطالبة الزوج برد المنقولات مبينة وصف دقيق للمنقولات وتحدد له اجلا لردها وإلا ستلجأ للقضاء بدعوى استرداد المنقولات امام محكمة الاسرة او جنحه تبديد امام القضاء الجنائى  والاستناد لنص المادة 341 من قانون العقوبات

دعوى استرداد المنقولات الزوجية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات، بالتالى فيطلب عقب انعقاد الخصومة فى هذه الدعوى إحالة الدعوى للتحقيق لسماع الشهود فيها للوقوف على أن المدعى عليه تحصل على هذه المنقولات وأنه رفض تسليم المنقولات الزوجية لزوجته. 

ومن الإشكالات المتعلقة بقائمة المنقولات 

حالة الطلاق قبل الدخول 

.وحاله رفع الزوجة دعوى خلع 

والتسليم الصورى لها حيث يوجد عرف سائد فى المجتمع المصرى أن يوقع الزوج على القائمة قبل تجهيز المنقولات أثناء انعقاد القران

 والذى يؤكد أن هناك ظلما واقعا على الرجل والمخالف للنصوص الشرعية، ما يوجب على الزوج التوقيع عند الاستلام على أنها من المهر وللزوج اثبات الصورية  و انتفاء ركن التسليم بكافة طرق الإثبات ومنها شهادة الشهود 

الحكم برد المنقولات في دعوى الخلع:

  • حكمت محكمة استئناف أسيوط برد المنقولات الزوجية “العفش”، والمصوغات الذهبية للزوج “الشبكة” في دعوى الخلع.
  • اشترط الحكم 3 شروط لمطالبة الزوج المخالع برد المنقولات أو قيمتها والشبكة:
    • إثبات الزوج أن المنقولات كانت من مقدم ومعجل الصداق.
    • تقديم الزوج مستندات تثبت شرائه تلك المنقولات.
    • إثبات الزوج أن تلك المنقولات مازالت في حوزة الزوجة.

هل العفش من حق الزوجة بعد الخلع؟

الصورية فى مقدم عقد الزواج فى دعوى الخلع

وقد أصدرت محكمة استئناف أسيوط  سابقة قضائية برد المنقولات الزوجية “العفش”، والمصوغات الذهبية للزوج “الشبكة” في دعوى الخلع التي أقامتها زوجته عليه، حيث وصفه البعض بأنه سيقلب موازين التشريعات في قضايا الخلع التي أصبحت تكتظ بها محاكم الأسرة والذي من شأنه أن يحد من حالات الطلاق بعد وصولها لنسبة مرتفعة. ويجب ان نستوعب الحكم

حيث انه لم يحكم برد القائمه كامله 

أولا: أنه حكم برد بعض المنقولات وهي التي تم اعتبارها جزء من المهر ولم يحكم برد كافة المنقولات “كما يظن البعض” الثابتة في قائمة المنقولات.

ثانيا: أن الحكم أقر بحق الزوجة في المنقولات التي احضرتها هي مشاركة لزوجها في تأسيس مسكن الزوجية.   

والقاضى حدد 3 شروط لمطالبة الزوج المخالع برد المنقولات أو قيمتها والشبكة

وبناء على ما تقدم فإنه يشترط لمطالبة الزوج المخالع برد المنقولات أو قيمتها وفقا لهذا الحكم عدة شروط:

الأول: أن يثبت الزوج أن ما تم شرائه من أجهزة أو مصوغات ذهبية كانت من مقدم ومعجل الصداق ويتم إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات.

الثاني: أن يقدم الزوج من المستندات التي تدل على شرائه تلك المنقولات.

الثالث: أن يثبت الزوج أن تلك المنقولات مازالت في حوزة الزوجة.

وفي هذه الحالة فإنه يتم الحكم فقط برد المنقولات التي أثبت الزوج أنه قد اشتراها بعد اثبات أنها كانت جزء من المهر، وعلى ذلك فإننا ننتهي إلى أنه ليس كل حكم بالخلع يبيح للزوج المطالبة باسترداد المنقولات الواردة بقائمة منقولات الزوجية، وإنما يجب توافر الشروط السابق ذكرها والتي أهمها أن يثبت الزوج أن تلك المنقولات قد قدمت على اعتبار أنها جزء من المهر أما إذا فشل الزوج في إثبات ذلك فإنه لا يحكم له بشيء.  

نصائح:

  • يجب على الزوجة كتابة قائمة المنقولات بدقة ووصف دقيق للمنقولات.
  • يجب على الزوجة الاحتفاظ بنسخة من قائمة المنقولات.
  • يجب على الزوجة مراجعة محامي مختص في حال نشوب أي خلافات حول قائمة المنقولات.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*